اسرار الثراء

vendredi 16 décembre 2011

قواعد الثروة



قواعد الثروة
الثروات؛ شغل الأغنياء، وما يسعى إليه الفقراء. الكلّ يعمل لها وبها، وقليل منّا من لا تهمّه هذه الكلمة، المال هدف الجميع، والقليل منّا يصل إليه. ريتشارد تمبلر، مؤلف كتاب (قواعد الثروة) يقدم لنا النصائح التي تجعلنا أكثر ثراء، ويكشف الطريق التي تمكننا من تنمية ثرواتنا

يقال هذا الشخص غنيّ، ولا أحد يتحدث عن معاناته وسعيه لجني المال، المال الذي يجعل العالم يدور من حوله، وكل منّا يخفي سرا في أعماقه ويؤمن أن الثروة تجعلنا سعداء، الآن يكون من الرائع أن نمتلك ما يكفي من المال، حيث لا نقلق بشأنه مطلقا، ويكفي لتحقيق أحلامنا. كيف وصل الأغنياء إلى هذا الثراء؟ هل هو مجرد حظّ؟ أم أنهم يعرفون شيئا نجهله نحن؟ مؤكد أنهم يعرفون قواعد ذهبية للحصول على الثروة، وتنميتها والحفاظ عليها، واستثمارها بحكمة.

الكاتب ريتشارد تمبلر، كشف لنا بعض القواعد البسيطة، ليجعلنا أكثر ثراء مما نحن عليه، ويكشف لنا الطرق التي تمكننا من تحقيق وتنمية الثروة من خلال كتابه (قواعد الثروة). ويعتبر هذا الكتاب دليلا ذاتيا لا غنى عنّه في التوجيه للأمور المالية، وذلك وفقا لصحيفة (ذا تايمز- The Times) البريطانية، صدر الكتاب بنسخته العربية عن (مكتبة جرير) للترجمة والنشر والتوزيع عام 2009، حيث يصيغ لنا تمبلر 100 قاعدة للثروة في 313 صفحة مجزئة إلى 5 أبواب رئيسية، ويستخلص لنا قوانين قد تكون معروفة لبعضنا من البداية، وهو ما نسميه غالبا بالتفكير المنطقي، لكن المؤلف وضعها على هيئة قوانين نموذجية تساعدنا في قياس تصرفاتنا اليومية في تحقيق الثراء المنشود. من وجهة نظر تمبلر، يبدأ جمع الثروة في الباب الأول "فكّر كما يفكر الأثرياء"؛ فهي الانطلاقة المثالية في مثابرتنا إلى تحقيق الثراء، فبإمكان الجميع كسب المال؛ فالأمر ليس مقصورا على فئة بعينها، فلا يهمّ ما هي طبقتنا الاجتماعية، أو ما سعى إليه آباؤنا، أو حتى ما نظنّه بخصوص أنفسنا، فإن الفرص متاحة أمام الجميع؛ وذلك حتى نغترف منّها قدر ما نشاء، الأمر الوحيد الذي قد يمنعنا هو أنفسنا ومعتقداتنا الخرافية بشأن المال. فما علينا إلا تحديد أهداف واقعية وصادقة للعمل من أجلها، فإذا ما كذبنا على أنفسنا فسوف يفشل الأمر. وينصح تمبلر بتدوين الأهداف، حيث إنها تمنح الأمر واقعية أكبر، مع الانتباه إلى إبقاء الأمر سرّا مع أنفسنا، فذلك أمر مهمّ أيضا، كي لا يحبط الآخرون من عزيمتنا.

ويشير تمبلر أيضا إلى أن المال ما هو إلا حقّ ماديّ يدفع كمقابل للعمل الجاد، والتفكير الماهر، فلكلّ مجتهد نصيب، إلا أن البعض يتكاسل عن كسب المال، والبعض الآخر لا يقدم أي تضحيات، ولا يحاول التعلم أو العمل، أو التركيز على هذا الأمر بجد، إذا بتأكيد أصحاب الثروات هم هؤلاء الذين ينهضون مبكرا، ولا يبخلون بالوقت أو الجهد. فالمال يجلب المال، ولكي نطبق عمليا هذه الفكرة، "ابدأ في إنشاء مزرعة للمال"، حسب تعبير تمبلر، هذا التوجه كفيل لتكاثر الأموال، لننفق بعضها ونستثمر بعضها، ولا ننسى ألا ننظر بعين الحسد لما يملكه الآخرون؛ فالحسد مرفوض، فقد يكون بمقدور المال أن يبعد عنّا بعضا من مسببات التعاسة، ولكنّه حتما لا يقدر أن يزيد على ذلك. وقد أعجب تمبلر بالكلمات الدعائية بشركة (غوغل-Google) "لا تكن شريرا"؛ أي لا نكسب المال عن سرقة الناس أو بالظلم أو مخالفة القانون، فالتحدي يكمن في المحاولة لكسب المال بطرق شريفة والأهم من هذا كلّه أن نتحكم في أنفسنا، وأن نمتلك التصميم الكافي، والعزم المستمر للنجاح في الوصول إلى الثراء.

وفي الباب الثاني نبدأ بخطوات "تحقيق الثروة"، فالخطة شيء أساسيّ لرسم الخطوات، وتمهيد الطريق، لتصل بنا إلى الهدف، ويشيد تمبلر بالقيام ببعض المجازفة حتى نصيب الثراء، ويتم ذلك بعد التفكير مليا، وتفهم الموضوع، ومن ثم الاستثمار بجزء من الوقت والمال، والأهم من ذلك كلّه إيمان الشخص بهدفه. وأشار تمبلر أيضا إلى أفضلية البدء في سن مبكرة فإنها تساعد على البداية الجيدة في تكوين الثروة، إذ نتمتع بنشاط ورغبة جامحة وقلة في المسؤوليات، ولا نبخل بالنصيحة لأولادنا منذ الصغر بتشجيعهم على عادات حكيمة تؤهلهم لجمع الثروة عند سن النضوج، وعلينا أيضا تعلم بعض الأمور؛ منها فن التفاوض، وعقد الصفقات، هذا ما قام به كايل ماكدونالد من خلال إنشائه موقعه الإلكتروني، حيث بدأ مبادلاته بمشبك ورقيّ أحمر، وانتهى به إلى الحصول على منزل فسيح في الريف، فعلينا اتخاذ قراراتنا المالية في الوقت المطلوب، فتضييع الوقت ما بين تسويف وتأجيل يفوّت علينا الكثير من الفرص، وأكد تمبلر أفضلية ألا نقترض المال، ولا نغرق أنفسنا في الديون.

وبعد الحصول على مبلغ كبير من المال، يكون الأفضل تكوين المحفظة الاستثمارية، وذلك بتنويع الاستثمارات ما بين العقارات والأسهم وغيرها، فعند الاستثمار في عمل واحد يرفع نسبة الخطورة، ولكن إذا تنوعت الاستثمارات تقلل من نسبة الخسارة، عندها لن نضطرّ لخسارة كل شيء، ويؤكد تامبلر أنه يجب ألا نستثمر في مجال نجهله، وإن احتجنا إلى نصيحة مالية ندفع مقابلها، أو نسأل من نثق بهم من ذوي الخبرة، ونحاول دائما البحث عن مصادر جديدة للدخل، وكذلك يجب الحذر من صرف الأموال على رغباتنا المفاجئة، والتفكير بما نخطط له أولا، ولا ننسى أن نعمل لما سيبقى لنا من ضمان استثمار أو مدخرات عند الكبر.

ولمتابعة ما بدأناه من عمل مثابر وجهد مثمر لابد من الاستمرار في تكوين الثروة، وهو ما تمّ شرحه لنا في الباب الثالث (كن أكثر ثراء)، حيث أوضح تمبلر عدم الارتخاء في هذه المرحلة، وأهمية مواصلة العمل لتحقيق الثراء الذي يغنينا عن القلق بشأن المال في المستقبل. وفي هذه المرحلة لابد من الاستعانة بفريق عمل يساعدك على إنجاز الأمور التي تجهلها، ويجب مراجعة حساباتنا الخاصة باستمرار، والحذر على الدوام من الكلمات المكتوبة بخطّ دقيق، والبنود المذكورة في أي عقد قبل توقيعه. وعلينا جعل أموالنا تعمل لحسابنا، وكمثال على هذا تأجير العقارات الخاصة بنا لتدرّ علينا المال بشكل دوريّ. وأيضا التفكير الإبداعي وسيلة لجني المزيد من الأموال، حيث دائما ما نلاحظ الأغنياء لا يسلكون طريقا يسلكه الجميع، وأنهم دائما يسبقون الآخرين في أفكارهم المتميزة، وفي هذا المجال ذكر الناشر الثري، ستيف فوربس، أن "المصدر الحقيقيّ للثروة ورأس المال في هذا العصر الجديد ليس أشياء مادية، إنه العقل البشري، الروح البشرية، الخيال البشري وإيماننا بالمستقبل".

"اعرف كيف تتسوّق واشتر الأشياء القيمة بدل الرخيصة" هكذا يبدأ الباب الرابع (الاحتفاظ بالثروة)، فشراء الأشياء القيمة يوفر لنا المال على المدى البعيد، وشراء الأشياء الرخيصة ما هو إلا توفير زائف لا معنى له.

وكذلك يجب ألا ننفق المال قبل الحصول عليه، فإن ذلك يشجع على التهاون والإهمال في التخطيط المالي، ويفقد التواصل مع الواقع، ومن النصائح الأخرى في هذه المرحلة أن نحتفظ ببعض المال جانبا ليساعدنا عند الهرم، ونحتفظ للبعض الآخر من المال للحالات الطارئة والأيام العجاف. ويشير تمبلر إلى عدم التفريط في أي جزء من شركاتنا أو مشروعاتنا، وإذا كان الأمر ضروريا، نحرص عند بيع حصة للآخرين عدم إعطائهم الحق في الإدارة أو التصويت لتبقى زمام الأمور بأيدينا. وهنا، بعد التعب والعمل الشاق في صناعة الثروة، يجب معرفتنا متى نتوقف، ولابد أن يأتي وقت نشعر فيه بالاكتفاء للاستمتاع بحياتنا، وقضاء وقت أطول مع عائلاتنا.

وأخيرا، بعد العمل بكل جهد لتكوين الثروة، قد يبدو لنا من الإجحاف أن لا نشرك الآخرين بها، وينهي تمبلر حديثه عن الثروة في الباب الخامس (مشاركة الآخرين بجزء من ثروتك)، حيث يبدي بملاحظته للعديد من الأغنياء الناجحين السعداء في حياتهم من لا يجدون غضاضة في منح الآخرين من أموالهم، فإننا لا نستطيع اصطحاب مالنا معنا بعد مماتنا "الكفن ليس له جيوب"، حسب تعبير تمبلر، فإن الثروة مثل اللوحة الجميلة التي يمكن أن نكتفي بتعليقها في حجرة المكتب، حيث ننظر إليها وحدنا، في حين يمكننا أن نشرك الآخرين فيها.

يبقى لكل منّا تفكيره الخاص، ويبقى المال قوة معنوية في يد صاحبه، ولنا جميعا حرية اختيار قراراتنا المالية التي ترسم لنا مسالك حياتنا.

1 commentaire: